مجزوءة الفلسفة ثانوية الخوارزمي التأهيلية
الفئة المستهدفة: الجدع المشترك
إعداد :الأستاذ الزاهيد مصطفى
مادة الفلسفة
هذا النص يمكن اعتماده في المحور الخاص بالظهور الفعلي للفلسفة في اليونان، من أجل أن يتعرف التلميذ على الانفصال الذي حدث بين الأسطورة والفلسفة، ففي ظل العجز المنهجي الذي يعانيه كتاب منار الفلسفة للجدع المشترك على مستوى النصوص الملائمة للتدريس يبقى دور المدرس أساسي في إيجاد نصوص بديلة تفي بالغرض.
1."تتخد الأسطورة في الفلسفة طابعا عقلانيا" ماذا يعني ذلك؟ إنه يعني أولا أن الأسطورة قد اتخذت في الفلسفة صورة إشكال صريح الصياغة. فقد كانت الأسطورة في ما قبل حكاية ولم تكن حلا لإشكال. إنها كانت تروي مجموعة الأعمال المنظمة التي كان يقوم بها الملك أو الإله، تلك الأعمال التي كانت الطقوس تحاول أن تشخصها، فكأنما تعطي الأسطورة حلا لسؤال لا يوضع. ولكن عند اليونان ، حيث ازدهرت في المدينة أشكال جديدة للتنظيم السياسي ، لم يتبق من التنظيم السابق إلا بقايا فقدت كل دلالة ومعنى ( .... ) وعندما استقل النظام الطبيعي والحوادث الجوية ( من أمطار ورياح وعواصف وصواعق ) عن الوظيفة الملكية ، فإنه لم يعد يفهم عن طريق ما تحكيه الأسطورة كما كان فيما قبل ، بل أصبح يعرض نفسه في صيغة " أسئلة " أصبح الجدال حولها مفتوحا ( نشأة النظام الكوني وتفسير الحالة الجوية ) هي التي أصبحت تشكل في صياغتها الجديدة مادة التفكير الفلسفي في بدايته .
2.يظهر إذن أن ميلاد الفلسفة قد واكب تحولين ذهنيين عظيمين : ظهور فكر وضعي يتنافر وكل شكل من أشكال الخوارق ، ويرفض التشبيه الضمني الذي تقيمه الأسطورة بين الظواهر الطبيعية والعوامل الخارقة للطبيعة، ثم ظهور فكر مجرد يخلص الواقع من قوة التغيير التي كانت الأسطورة تفرضها عليه ، كما يقضي على الصورة العتيقة لوحدة الأضداد ليقول بمبدأ الهوية .
3. إن المواكبة التي نلحظها بين ميلاد الفلسفة وحلول المواطن ليست مما يثير اللبس ؛ ذلك أن المدينة تحقق على مستوى الأشكال الاجتماعية ذلك الفصل بين الطبيعة والمجتمع ، وهو فصل تفرضه ممارسة التفكير العقلاني على مستوى الأشكال الذهنية . فمع حلول المدينة انفصل النظام السياسي عن التنظيم الكوني ، وظهر كمؤسسة بشرية تخضع لبحث دائم ونقاش حاد . لقد تدخلت الفلسفة الناشئة في ذلك الجدال الذي لم يكن جدالا نظريا فحسب ، بل كان جدالا يواجه بعنف بين الأطراف المتخاصمة . فالحكمة مكنت الفيلسوف من أن يقترح إصلاحا للخلل الذي أحدثه إرهاصات اقتصاد تجاري . فكان ينتظر منه أن يحدد التوازن الجديد الذي من شأنه أن يستعيد الانسجام المفقود ، وأن يعيد الوحدة والاستقرار الاجتماعيين ، عن طريق الوفاق بين العناصر التي كان تعارضها يمزق وحدة المدينة .
جان بيير فرنان ،الأسطورة والتفكير عند الإغريق . نقلا عن كتاب : الفلسفة الحديثة : نصوص مختارة،ترجمة محمد سبيلا وعبد السلام بنعبد العالي . أفريقيا الشرق ، 2001 ، ص 25 / 26
العنوان الأصلي للكتاب الذي أخذ منه النص هو Mythe et pensée chez les Grecs de Jean-Pierre Vernant
وهكذا حل الميتوس محل الوغوس
ردحذفجزاك الله خيرا في الدنيا والأخرة على هذه الدرس أرائع والمتميز
ردحذف